تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
في إطار فعاليات الدورة الثانية والثلاثين من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، يشارك العرض التونسي "روضة العشاق" ليحمل معه روحًا صوفية وتجريبية خاصة، تمزج بين الطقس المسرحي وطقوس الذكر والسماع، في محاولة لخلق حالة فنية جديدة تتجاوز الحدود التقليدية للعروض المسرحية، العمل الذي كتبه وأخرجه مؤلفه ينطلق من رؤية دراماتورجية تعتمد البحث والارتجال والتفاعل مع التراث الصوفي التونسي والمصري، ليطرح أسئلة عميقة حول الحب والروحانيات ودور التصوف في إثراء التجربة المسرحية، في هذا الحوار، يحدثنا مخرج ومؤلف العرض عن دوافع المشاركة، والتحديات التي صاحبت التحضير، ورؤيته لتفاعل الجمهور المصري والعربي مع العمل، إضافة إلى مقاربته الخاصة بين التصوف والمسرح التجريبي.
في البداية.. حدثنا عن أهمية مشاركة "روضة العشاق" في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي خصوصًا في هذه الدورة؟
أعتبر مشاركة روضة العشاق لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ضرورية وذلك حتى يطلع جمهور المهرجان على هذه التجربة المسرحية المهمة والتي قامت على المقاربة بين المسرح الطقسي وطقوس الطرق الصوفية، خاصة وأن المهرجان يستقطب الأعمال المسرحية التي ترتكز على التجريب في العناصر المسرحية والتي تعتمد أفكارا حديثة مرتبطة بالواقع الثقافي والإجتماعي للمجتمع العربي الإسلامي.
كما تمثل هذه الدورة، فرصة لطرح أفكار جديدة متعلقة بمفاهيم المسرح وتطورها في العصر الحديث من خلال عرض مسرحية "روضة العشاق" بالمهرجان.
هل كان هناك تحديات أو تحضيرات خاصة لتقديم العرض أمام جمهور المهرجان في القاهرة؟
تمثل مشاركتنا بالمهرجانات الدولية العريقة على غرار مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي تحديا لنا جميعا كفريق مشارك بعروض مسرحية "روضة العشاق" ضمن فعاليات المهرجان، لذلك منذ علمنا بالمشاركة عدنا إلى التدريب على المسرحية ومعالجة عناصرها الفنية بالاعتماد على الإستفادة من المقالات النقدية التي أفادتنا كثيرا وحاولنا خلال فترات التدريب العمل على تطوير الأداء الفني والتمثيلي والتقني.
كيف تتوقع تفاعل الجمهور المصري والعربي مع العرض مقارنة بالجمهور التونسي؟
أعتقد أن جمهور المهرجان سيتفاعل كثيرا مع مسرحية "روضة العشاق" باعتبارها تعالج جانبا مهما من الروحانيات في الشخصية المصرية التي تربت على الثقافة الصوفية، كما أن هناك امتداد ثقافة صوفية بين المجتمع التونسي والمجتمع المصري، حيث تعددت بالبلدين الطرق الصوفية وتنوعت، ورسالتنا في العرض وهدفنا الأساسي هو تنمية الحب والعشق في قلوبنا والاهتمام بالجانب الروحاني فينا وأتمنى أن تصل الرسالة للجمهور المصري وكل من يشاهد العرض.
ماذا تعني لك القاهرة كمكان للعرض المسرحي، على المستوى الفني والإنساني؟
القاهرة محطة مهمة لدى كل مسرحي عربي، لذلك أؤمن أن عرض مسرحية "روضة العشاق" بالقاهرة سيوفر لنا فرصة حقيقة في الإستفادة من تفاعل المثقفين المصريين مع الأفكار التي تم طرحها والعمل عليها بالمسرحية كما سيوفر هذا التفاعل تقاربا صادقا بين جمهور المهرجان على اختلاف ثقافاتهم ويضمنه هذا الحس والشعور الإنساني الذي تنبض به مسرحية "روضة العشاق".
وماذا عن "روضة العشاق" واختيارك هذا النص لتقديمه خاصة انك المؤلف؟
أريد ان أشير في البداية إلى أن العمل على كتابة نص "روضة العشاق" كان ضمن العمل على دراماتورجيا المسرحية في إطار العمل الإرتجالي الذي إرتكز على فكرة المقاربة بين المسرح الطقسي وطقوس الطرق الصوفية وكان لا بد من طرح فكرة دراماتورجية وخرافة تكون إطارا للبحث في المقاربة المقترحة، من هنا جاءت فكرة صاحب الطريقة المحدثة ومؤلف كتابه الصوفي "روضة العشاق" مما جعله يستقطب الكثير من المريدين وأصبح يمثل منظومة روحانية تهدد بسقوط منظومة نمطية سائدة بالمجتمع، وقد انطلقنا في العمل الإرتجالي بكثافة على الفكرة المقترحة كما عملنا على تركيب الشخصيات مع ممارسة تقنيات الطرق الصوفية من خلال عدة زيارات قمنا بها مع دراسة عديد المراجع الصوفية حتى تمكنا من تحديد عناصر الحكاية وأصبحت كتابة النص ممكنة بعد سنة من التدريب النظري والتطبيقي.
ماذا استلهمت من التراث الصوفي التونسي عند إعدادك لهذا العرض؟
يعد التراث الصوفي التونسي خزان ثري من الدلالات والحروف والألفاظ والأصوات والحركات، لذلك استفدنا من العديد من الطرق الصوفية بتونس من خلال المشاركة بالحضور وممارسة تقنيات الطرق الصوفية من ذكر وسماع والتساؤل عن دلالات الكلمات والأصوات والحركات والبحث في مرجعياتها وتاريخيتها وهو ما مكننا من إستلهام عناصر عديدة من هذه الطرق على غرار الطريقة العيساوية والطريقة الشاذلية والطريقة القاسمية.
كيف بدأت فكرة دمج طقوس الذكر والسماع بتقنيات المسرح الطقسي، وكيف رتبت مفردات مع الحبكة حتى لا تتحول إلى لوحات منفصلة؟
من خلال المقاربة التي قمنا بها بين المسرح الطقسي وطقوس الطرق الصوفية لاحظنا نقاط إئتلاف بين تقنيات الطقسين وأهمها:- الإيقاع والتكرار في الذكر (الكلمة أو الصوت أو الحركة) على إعتبار أن الذكر سبق الأديان بتكرار الكلمة أو الحركة بهدف الإقتراب من المقدس وقد يتطور هذا التكرار معتمدا إيقاعات تقترب من التراتيل أو الأناشيد أو الصوتيات، ويصبح السماع عنصرا مهما في تقنيات الطرق الصوفية فيهتز له الجسد ويحدث الجذب ليفرز حركات متكررة تتطور إلى كوريغرافيا الرقص الطقسي الفردي أو الجماعي.. ويلتقي الطقسين في عناصر كثيرة ارتبطت بالمرجع الديني أو القدسي في الأحتفالات والطقوس الجماعية ويهدفان إلى التواصل مع المقدس وبث روح جماعية بين المشاركين.
هل كونك المؤلف والمخرج جعلت مهمتك لخروج العرض أسهل؟
اعتقد أن المهمة الأولى التي اشتغلت عليها بهدف إنتاج مسرحية "روضة العشاق" تمثلت في الدراماتورجيا وليس التأليف أو الإخراج رغم تقارب المفاهيم في المسرح الحديث والتي كانت مهمة صعبة عملنا على تحديد فكرة دراماتورجية بسيطة وواضحة في إطار البحث على المقاربة بين المسرح الطقسي وطقوس الطرق الصوفية، ومن خلال التمارين الإرتجالية حددنا عناصر الحكاية من شخصيات وأحداث و أماكن وأزمنة وكذلك الحبكة، وهذا ما جعل الفضاء المسرحي مخبرا حقيقيا للبحث والتطوير إنطلاقا من مراجع علمية في علم التصوف وعلم الإجتماع وعلم النفس وعلوم الفيزياء أيضا، وقد ساعدني العمل على الدراماتورجيا في التمهيد لعنصر التأليف الذي تطلب وقتا ومجهودا لما يفرضه التأليف من أساليب وأدوات في الكتابة خاصة الشعرية والرمزية، ويبقى الإخراج مهمة صعبة اهتم فيها بالتجسيد المسرحي للرؤية الفنية والجماليات المقترحة في الفضاء المسرحي وهنا أتحدث عن التوليف السحري بين الفضاءات كفضاء الدرامي والحركي والنصي السينوغرافيا وغيرها
هل اختيار تقديم العرض باللغة العربية الفصحى ليكون سهلا في استقبال اي جمهور له.. أم ماذا؟
اختيار اللغة العربية فرضه العالم الصوفي الممتلئ بالشاعرية، حيث يملك هذا العالم خزان لغوي ثري بالكلمات العربية الشاعرية الممتلئ بالدلالات والتي تعتمد الرموز والإستعارات، بالتالي تصبح اللغة العربية الشاعرية إحدى أدوات شخصية المريد في التعبير واستقطاب المريدين.
ما السؤال الجوهري الذي تريد أن يخرج به المتفرج من «روضة العشاق»؟
قد يكون هناك أسئلة عديد يطرحها المتفرج بعد مشاهدة مسرحية روضة العشاق حيث تتعدد القراءات وتتنوع، ولكن السؤال الوحيد الذي أود أن يصل إليه المتلقي يتعلق بهذا العالم الروحاني الممتلئ بالعشق والحب والتأمل والتعلم.. لكننا تركناه او تجاهلناه وذهبنا إلى عوالم أخرى تمتلئ بالصراعات والإضطرابات التي سلبت منا حريتنا.
هل ترى في التصوف وسيلة للتنوع الفني والتواصل بين الجمهور والنص؟
التصوف فلسفة وتوجه ونمط حياة وهو عالم يملك ثقافة خاصة به ويتطور في هذا التنوع الفني الذي يميزه ويغذيه بشاعرية واقعية وميتافيزيقية، نجد تجلياتها في الرسومات والمنحوتات والموسيقى والرقص والمسرح، لذلك يمكن القول أنه جسر ممتد بين الجمهور والأثر الأدبي أو الفني، وقد مثل التصوف في مسرحية "روضة العشاق" جسرا وتواصلا فنيا وأدبيا بين الجمهور والنص.
كيف تصف حال المسرح التونسي اليوم؟ وما مدى تأثره بالمسرح العربي والإفريقي؟
يشهد المسرح العربي ضعفا في مسيرته التطورية مقارنة بالإزدهار الذي وصل إليه في السنوات الماضية، والمسرح التونسي رغم ريارته بالعالم العربي إلا أنه يعاني نفس المشاكل والإشكاليات التي تشكل تحديا للمسرحيين في العالم العربي، وبالرجوع إلى سنوات تطور المسرح التونسي نجد ثلة من المثقفين والمبدعين في المسرح تكاتفوا من أجل سد الثغرات في مجال التكوين المسرحي وبلورة المفاهيم المسرحية وقد ساهم تواصلهم الناجح مع الإرادة السياسية على إنشاء المؤسسات المسرحية وإعطاء القطاع المسرحي أهمية كبرى في العمل الثقافي حتى أصبح ضرورة، إلا أن هذا البناء والتشييد شهد تراجعا بعد الأحداث الاجتماعية والسياسية سنة 2011، وضاعت بوصلة المسرحيين التي كانت تتجه نحو الإبداع وتعددت الإشكاليات بالقطاع المسرحي منها المؤسساتي ومنها الفني والتقني ومنها الاجتماعي.
ويمكن القول أن الأعمال المسرحية الناجحة بتونس هي محاولات نابعة عن مجهودات بحثية لمجموعة من الشباب الذين لا يزالوا يؤمنون بأهمية الفن المسرحي في تنمية المجتمعات وتغيير نمط حياتها للأفضل، فتجده يراهن عن البحث في إيجاد أشكال وأساليب حديثة لفن الإقناع والفن المسرحي بصفة عامة.
وما رؤيتك لآفاق التجريب المسرحي في العالم العربي خلال السنوات القادمة؟
ويبقى المسرح التجريبي الشكل الفني الذي يجب أن يكون دائما حاضرا في المخبر البحثي وتحت المجهر لغاية تطويره وجعله ينافس الأعمال التجريبية المبتكرة في العالمين الشرقي والغربي، ذلك لأن المسرح التجريبي شهد تراجعا وضعفا في تونس والعالم العربي أمام تحديات التكنولوجيا الحديثة التي أصبحت أداة فعلية في صناعة المسرح التجريبي المبتكر، بالتالي هناك تطور أو تحول في المفاهيم المسرحية بالعصر الحديث وتداخلت الفنون والتقنيات في كتابة الدراماتورجيات الحديثة وهو ما يدعونا إلى مواكبة هذا التحول العميق والتطور السريع في مجال مفاهيم المسرح التجريبي.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية